Sunday, October 2, 2011

الدولة المملوكية








أصل المماليك :
المماليك : مصطلح فرض نفسه على تاريخ مصر والمنطقة العربية خاصة بلاد الشام طوال فترة زمنية تزيد على ثلاثة قرون , لاسيما بعد نجاحهم فى بناء دولة قوية مترامية الأطراف حكمت مصر والشام والحجاز بشكل مباشر كما فرضت نفوذها السياسى وقيادتها للمنطقة العربية ومدت سطوتها الى كافة مستويات العلاقات السياسية فى عالم البحر المتوسط والبحر الأحمر وأفريقيا على السواء [1].
مصطلح المماليك : يشير هذا المصطلح الى العبودية والرق , حيث أن معنى كلمة مملوك لغويا : ملكية الشخص لشخص آخر , وهم بالفعل كانوا كذلك , ولكنهم كانوا يجلبون من مناطقهم وهم أطفالا صغارا , وكان هؤء الصغار من أصول عرقية وكان أغلبيتهم فى عصر المماليك البرجية من العنصر الجركسى ماعدا اثنين كان من أصل ونان[2] .
فقد كانت الاستعانة بهم أى المماليك فى الشرق الأدنى منذ أيام العباسيين وأول من استخدمهم هو الخليفة المأمون , ولقد شجع ذلك الخلفاء والحكام الآخرين فى جلب المماليك , واستخدام حكام مصر عن الطولونيين والأخشيدين والفاطميين والأيوبيين المماليك , وأكثر السلطات الأيوبى الصالح نجم الدين أيوب من جلب المماليك من آسيا الصغرى وبلاد القفجاق لذا يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والجراكة , وجلبهم الحكام بعد ذلك ليستعينوا بهم حيث كان كل ملك وحاكم يتخذ منهم قوة تسانده [3] .
قيام دولة المماليك :
عند وفاة السلطان الصالح نجم الدين ايوب فى المنصورة , وكانت الحرب قائمة أنذاك ضد الصليبيون بقيادة لويس التاسع فى الحملة الصليبية السابقة عند غزوهم دمياط وتوجهوا صوب القاهرة , أداره شجرة الدر الحرب ضد الصليبيين حتى مجئ المعظم ترنشان آخر سلاطين بنى أيوب على مصر أثناء الحرب وبعد أنتهاء الحملة بانتصار المسلمون , رحل تارنشاه الى فارسكور وقام بالاستبداد والانهماك فى اللهو , ثم أنه اساء الى رجال دولته فاعتقل الكثير منهم , ثم هدد شجرة الدر وطالبها بأموال أبيه , ولذلك انفقت منه كما استاء الأمراء منه , ومن أفعاله لعزله الامراء أصحاب الحل والربط والعقد وأقصاءه لعلمان أبيه , وأختصاصه عن حضر معه من حصن كيفا [4].
لذلك اتفق الأمراء على قتله , فاقتحموا عليه برجه فى فارسكور فى محرم عام 648هـ , كما أخرسوا النار فى البرج , ورشوه بالسهام , لذلك اضطر الى أن يرمى بنفسه فى النهر , ولكن الأمراء سحبوا وراءه ولحقوه وقطعوه أربا اربا , فمات جرى حريقا غريقا فى 29 من محرم عام 648هـ , وهكذا تخلص المماليك من آخر سلاطين بنى أيوب واجمعوا أمرهم على توليه شجر الدر زمام الأمور , وبذلك تعد شجر الدر فاتحة عهد المماليك فى مصر غير أن الشعب والخليفة العباسى والأيوبيين فى الشام أعترضوا على ذلك , لمخالفة المماليك بقاعدة الشرعية , وبعث المستعصم الخليفة العباسى الى الأمراء فى مصر رسالة يقول فيها " أن كانت الرجال قد عدمت عندكم , فأعلمونا حتى نسير إليكم رجالا " [5].
عدم اعتراف الخليفة العباسى والايوبيين فى الشام بسلطتة شجر الدر قد اربك المماليك فى مصر وأقلقهم فراحوا يفكرون فى وسائل توفيقية ترضى كل من العباسيين ولايوبيين وتمنحهم شرعية الحكم , فقرر المماليك تزويج شجر الدر من ايبك ثم تتنازل له عن عرش البلاد , فيرضى الخليفة العباسى ؟؟؟؟ رجل على العرش, ثم البحث عن رمز أيوبى يشارك أيبك الحكم اسميا ليهدأ خاطر الايوبيين ويرضوا عن الوضع الجديد.
وتزوجت شجر الدر من أيبك وتنازلت له عن العرش بعد حكم دام نحو ثمانين يوما, ونصب ايبك سلطانا واتخذ لقب الملك المعز, وفى محاولة لارضاء الايوبيين والخليفة العباسى قام المماليك باحضار طفلا ايوبيا فى السادسة من عمره, وقيل فى العاشرةوسلطنوه باسم الاشرق المظفر الدين موسى, ولصغر سن الاشرف نجح ايبك فى التخلص منه والانفراد بحكم البلاد, لتكون البداية الحقيقية للدولة المملوكة[6].
سقوط دولة المماليك:
كانت الامور فى مصر وبلاد الشام مستقرة رغم ثورة بعض المماليك الجلبان , غير ان حدثا سياسيا خارجيا عصف بكيان دولة المماليك وعجل بانتهائها والقضاء عليها, وتمثل هذا الخطر فى البرتغال الذين اكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح فقد نجح الملاح البرتغالى بادتلميو من الوصولالى الطرف الجنوبى لجنوب افريقيا وذلك فى عام 891هـ , وذلك بمساعدة الملاح المسلم اليمنى احمد بن ماجد, وأسماه هذا الملاح رأس الزوابع, وتابع فاسكو دى جاما الكشوفات بعد ذلك حيث نجح فى الالتفاف حول هذا الرأس الذى عرف فيما بعد بطريق رأس الرأس الرجاء الصالح[7]  وبسبب هذه الاكتشافات نجح البرتغاليين من ضرب الاقتصاد المملوكى, ومما ساعد على هذا الانصار المملوكى ان مصر كانت تعانى من مشاكل داخلية عديدة وخارجية تمتلت فى البداية ظهرو خطر الدولة العثمانية[8].
كانت العلاقات بين المماليك والعثمانيين فى البداية علاقة ود وتخالف ضد العداء , ولكن ظهر التنافس بينهما نتيجة الحدود بينهما , وتصاعدت التوترات بين الدولتين حتى انتهت بمعركة مرج دابق بين الطرفين عام 922هـ/ 1516م, واتضح حال المماليك المنهار فى صفوفهم صفوف جيشهم بقيادة السلطان قانصوة الغورى حيث كان الخلاف شديدا بين طوائف قواده, كما لعبت الخيانة دورها , بجانب التفكك حتى اخر السلطان الغورى صريعا تحت سنابك الخيل العثمانية.
وتوغل الجيش العثمانى جنوبا مستولياً على مدن الشام كلها, حتى دخل السلطان سليم الول مدينة دمشق, وكان طومان باى وقت معركة مرج دابق نائبا على مصر, وبعد مقتل الغورى أصبح طومان باى هو سلطان المماليك فى مصر, فارسل سليم الاول اليه يطلب منه الدخول فى طاعته فرفض وقرر المقاومة امام الجيش العثمانى الجرار الذى توجه لغزو مصر وبذل طومان خلال سلطنته القصيرة التى استمرت ثلاثة شهور جهودا ؟؟؟؟؟؟؟؟ للدفاع عن مصر, ولكن الدولة المملوكية كانت قد سقطت بالفعل , ولم تفلح محاولات طومان باى فى احياء الدولة التى كانت قد سقطت.
كان السلطان طومان باى يحاول ان يسلم ما تبقى من القوات المملوكية التى ركبت الى الديمة وهربت من القتال , دفاعاً عن البلاد , مكتفية بحروب الشوارع والهجوم على الاسواق وغير ذلك من مظاهر الانهيار التى وضحت حال الطبقة الحاكمة فى مصر انذاك, وعلى الرغم من تواتر الابناء عن اقتراب العثمانيين من القاهرة, ظل المماليك منهكين فى لهوهم وعتبهم, وحين حاول طومان باى ان يستعد لملاقاة الغزاة صدفته الحقائق القاسية من خزانة خاوية وموارد مستهلكة , وجيش متشرذم متشرد, وكانت النتيجة انهيار المماليك امام العثمانيين.
وحرب طومان باى من وجه العثمانيين, ولكن اكتشف مكانه, وقبض عليه, وحين اهتز جسد, فى المشنقة على باب زويلة كان ذلك فصل الختام بالنسبة للدولة المملوكية , اصبحت بعد جزاءا من الامبراطورية العثمانية[9].
·       خريطة الدولة المملوكية
العاصمة                  القاهرة
اللغة الرسمية             العربية
الديانة                    الاسلامية
الحكم                    سلطنة
السلطان                 شجر الدر ( اول سلطان)
                        طوماى باى (آخر سلطان)
·       اهم الاحداث التاريخية
648هـ - 1250م  :  تأسيس الدولة المملوكية على انقاض الايوبية
623هـ - 1517م  :  سقوط الدولة المملوكية وسقوط مصر فى ايدى العثمانيين[10].
الفصل الثانى
دولة السلاجقة ( 429 هـ - 1037)

أصل السلاجقة
قيام دولة السلاجقة
سقوط دولة السلاجقة




















دولة السلاجقة ( 429 هـ - 1037)

أصل السلاجقة:
يجمع معظم المؤرخين على ان السلاحقة يرجع أصلهم الى التراك الغز( الأوغز)[11], الذين ظهروا فى التاريخ فى القرن السادس الميلادى.
والسلاجقة احد فروع هذه القبائل التركمانية[12] وسموا هذا الاسم بعد اسلامهم[13], وتعرف قبيلتهم باسم قنق كما يقال انها قينيق, وهم احدى قبائل الترك الاربعة والعشرين.
والغز هم أهم المجموعات التركية فهم عرب الترك, بينما الداوادارى عليهم هذا النسبة , ويقول أنهم من " السامانية" وترجع أصولهم الى ملوك العجم, ولكن اصلهم التركى هو الأصح .
ومما يؤكد ان السرجقة هم احد بطون قبائل ( الغز – التركمان) , ماذكره ابن فضلان فى رحلته الى ملك البلغار حينما التقى بجماعة من الغز سنة ( 309 – 3010هـ / 921 – 923م) فى اثناء مهمتة التى قام بها من قبل الخليفة العباسى المقتدر بالله الى ملك البلغار, فوصف اخبار لقائه ببعض قادة الغز وذكر ان رئيسهم كان يسمى " بيغو" [14] بينما كان قائدهم العسكرى يسمى " سوباش" [15], وكان يساعده معاون يسمى " ينال" [16]ولقد ترددت تلك الألقاب نفسها وبعينها ولفظها فى العصر السلجوق.



[1] قاسم عبده : فى تاريخ الايوبين والمماليك , عميد للدراسات والبحوث والدراسات الانسانية والاجتماعية , 2007م , صـ153 .
[2] أنور قلمة : المماليك فى مصر , مكتبة مدبولى , القاهرة , الطبعة الأولى , صـ1995م , صـ21 .
[3] قاسم عبده قاسم : فى تاريخ الايوبيين والمماليك , صـ154 .
[4][4] سحر السيد عبدالعزيز سالم : دراسات فى تاريخ مصر فى العصرين الأيوبى والمملوكى , مؤسسة شباب جامعة الاسكندرية , 2005م , صـ1999 .
[5] المقريزى ( أحمد بن على بن عبدالقادر المقريزى ت845هـ ) : السلوك
[6] ابن تغرى براى(جمال الدين ابو الحماس تغرى بردى) هـ) النجوم الزاهرة فى ملوك هذه مصر والقاهرة, الجزء السادس, صـ37
[7] قاسم عبده قاسم: فى تاريخ الايوبيين والمماليك ,صـ 304
سمر السيد عبد العزيز سالم: دراسات فى تاريخ مصر, صـ 300 - 3010
[8]  سمر السيد عبد العزيز سالم: دراسات فى تاريخ مصر, صـ 299
[9] سمر السيد عبد العزيز سالم: دراسات فى تاريخ مصر, صـ 306
[10] http://ar.wikipcdid.org/ wiki
[11] الغز ( الارغز) : أمة عظيمة من الترك, وهى تعنى رقم تسعة بالتركية, وربما هى ماخوذة من اصل قبائلهم.
[12] التركمانية: كلمة مجهولة الاصل مالنشأ, ويقال انها ذات أصل فارسى (ترك نندة) اى اشباه الترك, أو " ترك كردن" اى الترك الاتبعاد.
محمد عبد العظيم يوسف ابو النصر: السلاجقة تاريخهم السياسى والعسكرى, عين للدراسات  والبحوث الانسانية والاجتماعية , 2003 , صـ 30.
منى بدر: اثر الحضارة السلجوقية فى دول شرق العالم الاسلامى على الحضارتين الايوبية والمملوكية فى مصر, الجزء الاول: الحضارة , مكتبة زهراء الشرق, القاهرة , الطبعة الاولى, 2002م , صـ17.
عبد الرحمن بن خلدون (ت هـ) : كتاب العدو ديوان المتبدأ والخبر فى ايام الحرب والعجم والبربر ومن عامرهم من ذوى السلطان الاكبر, المجلد الخامس, دار الكتب العالمية, بيروت, الطبعة الاولى, 1994م, صـ3.
[13] منى بدر: اثر الحضارة السلجوقية , صـ 17
[14] بيغو: لقب السلطان الاعلى عند الترك, ومعناها الغزال .
[15] سوباش: هو قائد عسكرى – صاحب الجيش – وهو يلى بيغو فى المرتبة.
[16] نيال: لقب عسكرى  لمعاون قائد الجيش, حيث كان الغز خاصة السلاجقة منصر عادة يطلقون أسماء الحيوانات الجميلة والقوية على شخصيات قوادهم, فرئيسهم يعرف باسم بيغو , قائد جيشهم باسم ساباشى, ومعانه باسم نيال , كما ان الاسماء التى اشتهر بها السلاجقة قبل جغرى والب وجغرى فهى القاب ةليس اعلاماً



مماليك مصر

 مماليك مصر

أصل المماليك

 

كانت تسمية المماليك تشير إلى العبيد البيض الذين يؤسرون في الحروب أو يتم شراؤهم في الأسواق، وكان الكثير منهم جنود وقادة بالجيش، وما لبثوا أن استولوا على الحكم في نهاية حكم الدولة الأيوبية بمصر. وهناك روايتان حول أصل المماليك، تدعي إحداهما أن المماليك ظهروا في مصر أثناء حكم الخليفة الفاطمي العزيز. أما الرواية الأخرى فتنسب أصل المماليك إلى جلب الأسرى من القفقاس وآسيا الصغرى إلى مصر من قبل السلطان الصالح أيوب[1]، لذا يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والشراكسة, جلبهم الحكام بعد ذلك ليستعينوا بهم. حيث كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده، ودعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته. وممن عمل على جلبهم الأيوبيون. كما كان المماليك يبايعون الملوك والأمراء، ثم يدربون على الطاعة والإخلاص والولاء[2]

 

تربية المماليك

كان الصالح أيوب -ومن تبعه من الأمراء- لا يتعاملون مع المماليك كرقيق.. بل على العكس من ذلك تماماً.. فقد كانوا يقربونهم جداً منهم لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم.. ولم تكن الرابطة التي تربط بين المالك والمملوك هي رابطة السيد والعبد أبداً، بل رابطة المعلم والتلميذ، أو رابطة الأب والابن، أو رابطة كبير العائلة وأبناء عائلته.. وهذه كلها روابط تعتمد على الحب في الأساس، لا على القهر أو المادة.. حتى إنهم كانوا يطلقون على السيد الذي يشتريهم لقب "الأستاذ" وليس لقب "السيد"..
ويشرح لنا المقريزي كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى وهو ما زال في طفولته المبكرة، فيقول: "إن أول المراحل في حياة المملوك هي أن يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بعد ذلك يُدفع إلي من يعلمه القرآن الكريم، ثم يبدأ في تعلم مبادئ الفقه الإسلامي، وآداب الشريعة الإسلامية.. ويُهتم جداً بتدريبه على الصلاة، وكذلك على الأذكار النبوية، ويُراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه، فإذا ارتكب خطأً يمس الآداب الإسلامية نُبه إلى ذلك، ثم عوقب"..
لهذه التربية المتميزة كان أطفال المماليك ينشئون عادة وهم يعظمون أمر الدين الإسلامي جدًا، وتتكون لديهم خلفية واسعة جداً عن الفقه الإسلامي، وتظل مكانة العلم والعلماء عالية جداً جداً عند المماليك طيلة حياتهم، وهذا ما يفسر النهضة العلمية الراقية التي حدثت في زمان المماليك، وكيف كانوا يقدرون العلماء حتى ولو خالفوهم في الرأي.. ولذلك ظهر في زمان دولة المماليك الكثير من علماء المسلمين الأفذاذ من أمثال العز بن عبد السلام والنووي وابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن حجر العسقلاني وابن كثير والمقريزي وابن جماعة وابن قدامة المقدسي رحمهم الله جميعاً، وظهرت أيضاً غيرهم أعداد هائلة من العلماء يصعب جداً حصرهم..
ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف، حتى يصلوا إلى مستويات عالية جداً في المهارة القتالية، والقوة البدنية، والقدرة على تحمل المشاق والصعاب..
ثم يتدربون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع الخطط الحربية، وحل المشكلات العسكرية، والتصرف في الأمور الصعبة، فينشأ المملوك وهو متفوق تماماً في المجال العسكري والإداري، وذلك بالإضافة إلى حمية دينية كبيرة، وغيرة إسلامية واضحة.. وهذا كله - بلا شك - كان يثبت أقدام المماليك تماماً في أرض القتال..
وكل ما سبق يشير إلى دور من أعظم أدوار المربين والآباء والدعاة، وهو الاهتمام الدقيق بالنشء الصغير، فهو عادة ما يكون سهل التشكيل، ليس في عقله أفكار منحرفة، ولا عقائد فاسدة، كما أنه يتمتع بالحمية والقوة والنشاط، وكل ذلك يؤهله لتأدية الواجبات الصعبة والمهام الضخمة على أفضل ما يكون الأداء..
وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي اشتراهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة، بل أحياناً كان السلطان الصالح أيوب - - يطمئن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتهم، وكان كثيراً ما يجلس للأكل معهم، ويكثر من التبسط إليهم، وكان المماليك يحبونه حباً كبيراً حقيقياً، ويدينون له بالولاء التام..
وهكذا دائماً.. إذا كان القائد يخالط شعبه، ويشعر بهم، ويفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم لألمهم، فإنهم -ولاشك- يحبونه ويعظمونه، ولا شك أيضاً أنهم يثقون به، وإذا أمرهم بجهاد استجابوا سريعاً، وإذا كلفهم أمراً تسابقوا لتنفيذه، وبذلوا أرواحهم لتحقيقه.. أما إذا كان القائد في حالة انفصال عن شعبه، وكان يعيش حياته المترفة بعيداً عن رعيته.. يتمتع بكل ملذات الحياة وهم في كدحهم يعانون ويتألمون، فإنهم لا يشعرون ناحيته بأي انتماء.. بل إنهم قد يفقدون الانتماء إلى أوطانهم نفسها.. ويصبح الإصلاح والبناء في هذه الحالة ضرباً من المستحيل..
وكان المملوك إذا أظهر نبوغاً عسكرياً ودينياً فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، فيصبح هو قائداً لغيره من المماليك، ثم إذا نبغ أكثر أعطي بعض الإقطاعات في الدولة فيمتلكها، فتدر عليه أرباحاً وفيرة، وقد يُعطى إقطاعات كبيرة، بل قد يصل إلى درجة أمير، وهم أمراء الأقاليم المختلفة، وأمراء الفرق في الجيش وهكذا..
وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي اشتراهم.. فالمماليك الذين اشتراهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين اشتراهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية وهكذا..
وقد زاد عدد المماليك الصالحية، وقوي نفوذهم وشأنهم في عهد الملك الصالح أيوب، حتى بنى لنفسه قصراً على النيل، وبنى للمماليك قلعة إلى جواره تماماً.. وكان القصر والقلعة في منطقة الروضة بالقاهرة، وكان النيل يعرف بالبحر، ولذلك اشتهرت تسمية المماليك الصالحية "بالمماليك البحرية" (لأنهم يسكنون بجوار البحر).
وهكذا وطد الملك الصالح أيوب ملكه بالاستعانة بالمماليك الذين وصلوا إلى أرقى المناصب في جيشه وفي دولته، وتولى قيادة الجيش في عهده أحد المماليك البارزين اسمه "فارس الدين أقطاي"، وكان الذي يليه في الدرجة هو ركن الدين بيبرس، فهما بذلك من المماليك البحرية..


نظرة عامة

فكرة الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى بدت من أيام العباسيين. وأول واحد إستخدمهم كان الخليفة المأمون. ثم جاء الخليفة المعتصم فأتى بالتركمان واستخدمهم في الجيش لكي يعزز مكانته بعد ما فقد الثقة في العرب وفي الفرس اللى قامت عليهم الدولة العباسية، وكانت تلك بداية جديده شجعت الخلفاء والحكام من بعده لفعل ذات الشيء. فولاة مصر من الطولونيين الأخشيديين والفاطميين استخدموا المماليك، منهم أحمد بن طولون (835-884م) كان يشترى مماليك الديلم، وهم من جنوب بحر قزوين، وقد وصل عددهم 24 ألف تركى وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر.
وكذلك فعل الأيوبيون فجلبوا المماليك إليهم، ثم ازداد نفوذهم في فترة إزدادت فيها إخفاقات الأيوبيين ونشبت صراعات فيما بينهم، حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كانت خطة الأيوبيون تقوم على استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولائهم.


 

مماليك الدولة الإخشيدية والفاطمية

عندما قامت الدولة الإخشيدية، أتى محمد بن طغج الإخشيدي بأتراك الديلم، ووصل عددهم إلى 400 ألف ومنهم حراسه الشخصيين الذين قاربوا 8 آلاف مملوك. أما الفاطميين فقد كانوا محتاجين لجيش كبير ليستقوا به أنفسهم في مصر ويعينهم على التوسع شرقا. فقد كان جيشهم في الأول كان من المغاربة لكن عند دخولهم مصر أضافوا إليه عساكر ترك وديلم وسودانيين وبربر.

 

[عدل] مماليك الصالح نجم الدين أيوب

كان المماليك مرتزقة معتادون على الحروب، وانضم أكثرهم بنفسه إلى النظام. فعندما جاء السلطان الصالح نجم الدين أيوب في أواخر العصر الأيوبي غير النظام وجعل له شكل آخر. فقد كان الأيوبيون منذ زمن صلاح الدين الأيوبى يجلبوا عسكر مماليك متدربين على الحروب، حتى زمن الصالح أيوب في قمة صراعاته مع أيوبيي الشام تخلى عنه مماليكه وعسكره من الخوارزمية الذين كانوا يعملون لديه بالأجرة. فاضطر إلى جلب رقيق صغار يربيهم عنده ويدربهم ويصبح ولائهم خالصا إليه بدلا من المرتزقة الكبار الذين تتبدل ولاءاتهم حسب الظروف. وبدأ بشراء مماليك صغار السن وبنى لهم معسكرا وأبراج في جزيرة الروضة واسكنهم هناك فسموا بالمماليك البحرية. وجعل لهم نظام معيشة وتدريب معين، وقد كان شديد العطف عليهم حتى أحبوه وأخلصوا له وقدمهم على الكرد والعرب. وقد انتسبت تلك المماليك إليه وتلقبوا بلقبه، فكان يقال عنهم "المماليك الصالحية النجمية"، ويضاف لأسمائهم لقب "الصالحى النجمى"، مثل عز الدين أيبك الصالحى النجمى، والظاهر بيبرس الصالحى النجمى، وقلاوون الصالحى النجمى، وغيرهم.

[عدل] دولة المماليك

تعتبر فترة حكم المماليك تعد من الفترات التاريخية المجهولة عند كثير من المسلمين، وذلك قد يكون راجعاً لعدة عوامل.. ولعل من أهمها أن الأمة الإسلامية في ذلك الوقت كانت قد تفرقت تفرقاً كبيراً، حتى كثرت الإمارات والدويلات، وصغر حجمها إلى الدرجة التي كانت فيها بعض الإمارات لا تتعدى مدينة واحدة فقط!!.. وبالتالي فدراسة هذه الفترة تحتاج إلى مجهود ضخم لمتابعة الأحوال في العديد من الأقطار الإسلامية.
ومن العوامل التي أدت إلى جهل المسلمين بهذه الفترة أيضاً: كثرة الولاة والسلاطين في دولة المماليك ذاتها، ويكفي أن نشير إلى أن دولة المماليك الأولى -والمعروفة باسم دولة المماليك البحرية (وسنأتي إلى تعريف ذلك الاسم لاحقاً إن شاء الله)- حكمت حوالي 144 سنة، وفي خلال هذه الفترة حكم 29 سلطانًا!.. وذلك يعني أن متوسط حكم السلطان لم يكن يتعدى خمس سنوات.. وإن كان بعضهم قد حكم فترات طويلة، فإن الكثير منهم قد حكم عاماً أو عامين فقط!.. أضف إلى ذلك كثرة الانقلابات والاضطرابات العسكرية في فترة حكم المماليك، فقد قتل من الـسلاطين التسعة والعشرون عشرة، وخُلع اثنا عشر!!.. وهكذا كانت القوة والسلاح هي وسيلة التغيير الرئيسية للسلاطين، وسارت البلاد على القاعدة التي وضعها أحد سلاطين الدولة الأيوبية (قبل المماليك) وهو السلطان "العادل الأيوبي"، والتي تقول: "الحكم لمن غلب"!!..
ولعل من أهم أسباب عدم معرفة كثيرين بدولة المماليك هو تزوير التاريخ الإسلامي، والذي تولى كبره المستشرقون وأتباعهم من المسلمين المفتونين بهم, والذين شوهوا تاريخ المماليك لإنجازاتهم المشرقة والهامة؛ والتي كان منها: وقوفهم سداً منيعاً لصد قوتين عاتيتين من قوى الشر التي حاولت هدم صرح الإسلام، وهما التتار والصليبيون، وكان للمماليك جهاد مستمر ضد هاتين القوتين، وعلى مراحل مختلفة، وظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام في الأرض قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تسلمت الخلافة العثمانية القوية راية المسلمين.

[عدل] تأسيس الدولة المملوكية

عند وفاة السلطان الصالح أيوب في المنصورة، وكانت الحرب قائمة ضد الفرنج الصليبيون[3] ويقودهم لويس التاسع ملك فرنسا عند غزوهم دمياط وكانوا متجهين إلى القاهرة، فجلب المماليك إبنه توران شاه من حصن كيفا كي يقود الحرب ويستلم الحكم، وبعد انتهاء معركة المنصورة وأسر لويس التاسع سنة 1250، أساء السلطان الجديد التصرف مع المماليك فاغتالوه عند فارسكور بعد ذلك تسلطنت شجر الدر أرملة الصالح أيوب على عرش مصر بمساندة وتأييد المماليك البحرية وبذلك فقد الأيوبيون سيطرتهم على مصر.
لم يرض كلا من الأيوبيين في الشام في دمشق والخليفة العباسى المستعصم بالله في بغداد بانتزاع عرش الأيوبيين في مصر وتنصيب شجر الدر ورفضا الاعتراف بسلطانها فقام الأمراء الأيوبيون بتسليم الكرك للملك المغيث عمر ودمشق للملك الناصر صلاح الدين يوسف الذي قبض على عدة من أمراء مصر في دمشق فرد المماليك بتجديد حلفهم لشجر الدر ونصبوا عز الدين أيبك أتابكا وقبضوا على الأمراء الميالون للناصر يوسف في القاهرة.[4] وبعث المستعصم إلى الأمراء في مصر كتابا يقول: "ان كانت الرجال قد عدمت عندكم, فأعلمونا حتى نسير إليكم رجالا " [5].
عدم اعتراف كلا من الخليفة العباسى[6] وكذلك الأيوبيين في دمشق بسلطنة شجر الدر قد أربك المماليك في مصر وأقلقهم فراحوا يفكرون في وسائل توفيقية ترضى الأيوبيين والخليفة العباسي وتمنحهم شرعية لحكم البلاد فقرر المماليك تزويج شجر الدر من أيبك ثم تتنازل له عن العرش فيرضى الخليفة العباسي بجلوس رجل على تخت السلطنة ثم البحث عن رمز أيوبي يشارك أيبك الحكم اسميا فيهدأ خاطر الأيوبيين ويرضوا عن الوضع الجديد.
تزوجت شجر الدر من أيبك وتنازلت له عن العرش بعد أن حكمت مصر ثمانين يوما [7] بإرادة صلبة وحذق متناهي في ظروف عسكرية وسياسية غاية في التعقيد والخطورة بسبب غزو العدو الصليبي للأراضي المصرية وموت زوجها سلطان البلاد الصالح أيوب بينما الحرب ضد الصليبيين دائرة على الأرض الواقعة بين دمياط والمنصورة. نصب أيبك سلطانا وأتخذ لقب الملك المعز. وفي محاولة لإرضاء الأيوبيين والخليفة العباسي قام المماليك باحضار طفلا أيوبيا في السادسة من عمره, وقيل في نحو العاشرة من عمره [8], وسلطنوه باسم "الملك الأشرف مظفر الدين موسى"[9] وأعلن أيبك أنه ليس سوى نائبا للخليفة العباسي وأن مصر لا تزال تابعا للخلافة العباسية كما كانت من قبل [5][10].

نظام الدولة المملوكية

بدأ نظام الحكم المملوكى بسلطنة السلطانة شجرة الدر وقد كان هذا الأمر بدعة في تاريخ مصر لم تحدث سوي عهد الملكة كليوباترا السابعة التي ماتت سنة 30 قبل الميلاد. ومن ناحيه أخرى أحدث النظام المملوكى تطوير كبير في نظم الحكم على مستوى العالم حيث ان النظام لم يكن قائم على التوريث لكن على اختيار الحاكم ووتلك كانت شيء جديد في تاريخ مصر ليست فقط علي مستوي مصر والشرق الأوسط لكن على مستوى العالم في العصور الوسطى.
الدولة المملوكية كات منظمة جداً. وأدخل المماليك أساليب جديدة للإدارة ومصطلحات لم تكن موجوده في مصر. على قمة هرم السلطة كان السلطان يرأس الدولة الذي تربع على العرش بتفويض من الخليفة العباسى في القاهرة. وعندما حاصر التتار بغداد وإحتلوها وقتلوا الخليفة المستعصم، ولي الظاهر بيبرس خليفة بدلا منه في القاهرة لكي يعطي المماليك الشرعية في الحكم. وبتفويض من الخليفة أصبح السلطان في يده كل شيء ومعه كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. لكن كان السلطان يعتمد في ذلك الأمر على قوة مماليكه وولائهم له وقدرتهم على كبح جماح مماليك الأمراء الآخرين. لذلك تاريخ الدولة المملوكية كان ممتلئ بسلاطين نصبوا نفسهم بعدما تمكنوا من السلطة الفعلية وجعلوا السلطان مجرد لعبة في أيديهم إلي أن يقدروا أن يخلعوه، إما بنفيه أو بقتله لو لم يسالم ويتنحي، ويتولي أميرهم بدلا منه. مثلما حدث للسلطان السعيد بركة ابن الظاهر بيبرس الذي عزله السلطان قلاوون وولي بدلا منه أخيه الأصغر العادل بدر الدين سلامش، إلي أن تمكن هو وممالكيه وعزلوه، وتربع قلاوون على العرش. ومثلما حدث لإبنه السلطان الناصر محمد من كتبغا وبيبرس الجاشنكير. وتلك أمور كانت تحدث في العصر المملوكي وكل دول العالم. لم تكن السلطنة في العصر المملوكي بالتوريث. ومن المؤكد وجود أبناء للسلاطين يورثوا الحكم كالسلطان السعيد بركة وسًلامش أنجال الظاهر بيبرس، ومن بعده أولاد وأحفاد السلطان قلاوون، ولكن العادة كانت تحتم أن يجلس أولاد السلاطين إلي أن تهدأ الأمور، وبعد ذلك يتخلعوا ويجلس بدلا منهم أمير قوى، الذي قد كان نائب السلطان والحاكم الحقيقى. الجلوس علي عرش السلطنة لم يكن بالتوريث ولا بالتفويض الشعبي بل كان بالتنافس علي القوة وكثرة المماليك والسلاح والإقطاعيات، لكن كان عادة بتفويض الأمراء الذين كانوا يجتمعون ويتفقون على تنصيب السلطان، وبطبيعة الحال الأمير الذين كانوا يختاروه كان اقواهم وله اتباع أكثر، أو اضعفهم فيجلسوه على العرش وينظموا بمفردهم شئون البلاد.
الحرس السلطانى (المماليك السلطانية) أو الخاصكية كانوا أهم المماليك بالنسبة للدولة السلطانية. ووهؤلاء كان السلطان يهتم بهم وينفذ لهم كل ما يريدون، وكان يغدق عليهم بالكثير من الهدايا والهبات، لإن سلطنته وحياته نفسها كات متوقفه عليهم. وكان رئيس الحرس السلطانى يعتبر حاكم مطلق وله مماليكه وقواده وكانوا طبعا يعينوا في مراكز مهمة في السلطنة كوظيفة الدوادار، وهو المسئول عن نقل الرسائل بين أنحاء ومدائن السلطنة، وكان يشرف على مراكز البريد والحمام الزاجل (البريد الجوي) وكان معاه ختم السلطان الذي يختم بهجميع على الرسائل والمستندات السلطانية، وكان يحكم مصر في وقت غياب السلطان. والمؤرخ الكبير بيبرس الدوادار كان واحد منهم. وكان من المحتمل أن يكون رئيس الحرس السلطاني داوادار السلطنة. الدوادار كان تابع ديوان "أمير القلم" وده كان قسم في "ديوان الإنشا" المسئول عن علاقات مصر بالبلاد الأخرى، ووكتابة رسائل السلطان لملوك وسلاطين البلدان الأخرى، وكان لكل جواب صيغة متعارف بها بين السلطان وبقية السلاطين وفي حالة ما تكون الرسائل بصيغة أخرى كان السلطان يعرف أنها مغشوشة أو مزورة. وقد كان المؤرخ محيي الدين بن عبد الظاهر أحد رؤساء ديوان الإنشا، واخترع صيغ كتابة لم تكن تستعمل من قبل لتعارف العامة والطامعين علي الصيغ الأخرى.
وإن لم يتولي رئيس الحرس السلطانة مهمة الدوادار كان يتولي قيادة الجيش ويطلق عليه أتابك العسكر أو الأمير الأكبر. وكان للقصر رئيس يشرف عليه اسمه "الأستادار" وكان المشرف على مخازن السلاح يعرف بالسلحدار ورئيس الإسطبلات كان بيلقب بأمير آخور.
كان لكل طبقة من المماليك لباس معين مصنوع من أقمشة باهظة الثمن ومطرزة بالذهب والفضة، ووعندما يخرجوا مع السلطان في المواكب الفخمة كان لكل جماعة أميرها والناس تزاحم لكي تشاهد موكب السلطان.
في العصر المملوكى كات مصر مقسمة على عشرين قسم كل قسم يتولاه والى أو أمير. وكان الوالى عبارة عن سلطان للمنطقة التي كان يحكمها. وأهم والى كان والى القاهرة وهذا كان أكبر أمير يحكم القاهرة وضواحيها وكان اسمه والى الشرطة ووالى الحرب. بعد حوادث الإسكندرية سنة (1365) أصبح في مدينة الإسكندرية والي عظيم الشأن وكان يحل محل السلطان في حالة غيابة عن البلاد هو ورئيس الحرس. ووقد كان قلعة الجبل والي، مقر الحكم وقصر السلطان، وكان يشرف علي باب المدرج وهو أكبر أبواب القلعة وكان فيه والى باب القله.
وعندما توسعت الدولة المملوكية خارج مصر كان يرسل لها ولاة ينوبون عنه في حكم الشام والحجاز واليمن وأفريقية والعراقين وكانوا يسمون علي سبيل المثال نائب السلطان في ولاية الشام. وكانوا يختلفون عن نائب السلطان المباشر في القاهرة الملقب بكافل الممالك الشريفة، وكان مركزهم أقل منه ولم يملكوا صلاحياته التي كانت تقريبا نفس صلاحيات السلطان وكان من حقه أن يختم على مستندات الدولة وأن يحرك الجيش بدون غير أمر السلطان.
كانت الدولة المملوكية في مصر من سنة 1250 إلي سنة 1517، المماليك البحرية، وكان معظمهم من أصل تركى (turkic) (ليسوااتراك من تركيا) حكموا إلي عام 1382، والمماليك البرجية وكان معظمهم من أصل شركسى حكموا من أيام السلطان برقوق إلي عام 1517. طومان باى كان أخر سلاطين الدولة المملوكية عندما فتحت الدولة العثمانية مصر وبدأ عصر الأتراك العثمانيين (اتراك من تركيا) وأصبحت مصر ولاية عثمانية. وعندما انتهي عصر المماليك في مصر كتب المؤرخ ابن إياس قصيدة شعر بدايتها تقول: " نوحوا على مصر لأمر قد جرى.. من حادث عمت مصيبته الورى".

حملات الدولة المملوكية ضد العربان

خاضت الدولة المملوكية حروب ومواقع ضد العناصر العربية التي جاءت إلي مصر فيما يعرف بهجرة بني هلال وقبيلة جهينة وأصبحت مصدر للقلق والإرهاب والخروج على الأمن والنظام وقطع الطريق ونهب المصريين في الصعيد بالذات. تسللت قبيلة بني هلال وقبيلة جهينة في العصر الفاطمي بطلب من الخليفة العباسي في بغداد لكي يشغلوا الدولة الفاطمية لأنها كانت في منازعات وثورات داخلية واستقرت تلك القبيلتان في صعيد مصر وبعض مناطق الوجه البحري كإقليم البحيرة.
لعب العربان أدوار سيئة في وقت الحملة الصليبية السابعة على مصر (1249-1250)و تسببوا في احتلال دمياط بسهولة في ايدي الصليبيين بعدما وثق فيهم السلطان الصالح أيوب وأجلسهم فيها لكي يحموها فهربوا وتركوها، فغضب الصالح عليهم بعدما خانوا الأمانة وأعدم منهم عدد كبير [11]. ووقد تقدم الصليبيين إلي المنصورة بسبب أن دلهم خائن من العربان على مخاضة في بحر أشموم طناح واستطاعوا أن يعبروا منها للمعسكر المصري ويهجموا عليه فجأة [12][13]، وقتل فخر الدين يوسف القائد العام للجيوش المصرية، وكانت من المحتم أن يحتل الصليبيين مصر لولا ظهور المماليك في المنصورة ومعهم الأهالى وتصديهم بنجاح للقوات الصليبية المهاجمة.
في عهد السلطان عز الدين أيبك (1250 - 1257) كانت العناصر العربية مصدر تهديد وعدم استقرار لأمن مصر وسلامتها، لكن أيبك أرسل لهم حملات وتبعهم في مديريات الوجه البحرى وقضى على قوادهم وسيطر عليهم وحد من جرائمهم وأعمالهم الفوضوية. ويحكى المقريزى: "و أمر المعز بزيادة القطيعة على العرب، وبزيادة الضرائب والمكوس المأخوذة منهم، ومعاملتهم بالعسف والقهر فذلوا وقلوا"[14].

المماليك في بغداد

جاءت قوات المماليك إلى العراق لأول مرة في عهد العثمانيين حين استقدمهم حسن, پاشا بغداد, في 1702. ومن 1747 حتى 1831, حكم العراق, بفترات انقطاع قصيرة, ضباط مماليك من أصول جورجية نجحوا في تأكيد استقلالهم الذاتي عن الباب العالي, وفي إخماد الثورات القبلية, وحدوا من سلطات الإنكشارية, واستعادوا النظام, وأرسوا برنامجاً لتحديث الاقتصاد والجيش. وفي 1831, نجح العثمانيون في خلع آخر حاكم مملوكي, داوود پاشا, وأرسوا سيطرتهم المباشرة على العراق.[15]

المماليك في الهند

مماليك الهند (بالأردو سلطنت غلامان) وتعتبر أول الممالك التي حكمت دلهي بالهند من عام 1206 إلى عام 1290. ويعتبر السلطان قطب الدين أيبك مؤسس تلك السلطنة وهو تركي مملوك من قبائل أيبك والذي ترقى حتى وصل لقيادة الجيوش والحاكم لأملاك السلطان شهاب الدين محمد غوري بالهند.
بعد وفاة محمد غوري عام 1206 بدون وريث، استبسل قطب الدين لأخذ امبراطورية الغوري الهندية من منافسيه وجعل عاصمة ملكه بلاهور أولا ومن ثم دلهي حيث بدأ ببناء قطب منار الشهير. وفي عام 1210 توفي قطب الدين فجأة. وبعد ذلك برز شمس الدين التتمش كسلطان وقد تزوج ابنة قطب الدين وقد حكم ابنائه ومن ضمنهم ابنته راضية جميعا ماعدا واحد. ثم أتى السلطان غياث الدين بلبن الذي كان قائد جيوش السلطان ناصر الدين وتزوج اخته وهو الذي منع المغول من دخول الهند وقد استحوذ بعد ذلك على الحكم وقد تولى الحكم من بعده حفيده معز الدين قيذاباد وانتهت تلك السلالة على يد فيروز خلجي مؤسس السلالة الخلجية في بيهار والبنغال.

 

المماليك في فرنسا

شكـّل نابليون لواءً من المماليك أثناء الحملة الفرنسية على مصر والشام في مطلع القرن التاسع عشر، وكانت آخر قوة مملوكية عسكرية في التاريخ. حتى الحرس الامبراطوري له كان يضم جنوداً مماليك أثناء حملته على بلجيكا, بما فيهم خدمه الشخصيون.
والحارس المشهور لنابليون روستان كان أيضاً مملوكاً من مصر.
وطيلة العصر النابليوني, كان هناك لواءً مملوكياً في الجيش الفرنسي. وفي تأريخه للفرقة الثالثة عشر 13th Chasseurs, يذكر العقيد ديكاڤ كيف استخدم ناپليون المماليك في مصر، فضمن ما أسماه "تعليمات Instructions" التي أعطاها بونابرت لكليبر بعد مغادرته مصر, كتب نابليون أنه قد اشترى بالفعل نحو 2,000 مملوك من تجار سوريين، وأنه كان ينوي تشكيل فصيلة خاصة detachment. وفي 14 سبتمبر 1799, شكـّل جنرال كليبر لواء فرسان مماليك رديف auxiliaries وانكشارية سورية من الفوات العثمانية التي اُسرت في حصار عكا.
وفي 7 يوليو 1800, أعاد جنرال مينو تنظيم الكتيبة, مشكلاً 3 فصائل كل منها قوتها 100 رجل وغير اسمهم إلى "مماليك الجمهورية Mamluks de la République". في 1801, اُرسل جنرال راپ إلى مارسيليا ليشكـّل فصيلة من 250 مملوك تحت إمرته. وفي 7 يناير 1802, ألغي الأمر السابق وتم تخفيض قوة الفصيلة إلى 150 رجلاً. قائمة المنضوين تحت السلاح في 21 أبريل 1802 تـُظهر 3 ضباط و 155 مقاتلاً من مختلف الرتب. وبقرار في 25 ديسمبر 1803, تم تشكيل المماليك في فصيلة ملحقة بسلاح الفرسان بالحرس الإمبراطوري.

زي المماليك في فرنسا

أثناء خدمتهم في جيش نابليون, ارتدوا اللواء المملوكي الزي التالي: قبل 1804: الجزء "النظامي" الوحيد في زيهم كان الكاهوك (قبعة) الخضراء, والعمامة البيضاء, والسروال الأحمر, وهؤلاء جميعاً يـُلبسوا مع قميص فضفاض وصديري. بعد 1804: الكاهوك أصبح أحمراً بهلال ونجمة نحاسيين, والقميص اُقفل وأصبح له ياقة.